انسخام

 انسخام

Deneyimsel Tasarım Öğretisi

 

غطّى المطر المدينة كل ستار رماديّ خفيف،

تألّقت الشوارع بانعكاس الأضواء، وكانت الريح تهزّ اللافتات بلطف.

كان جم جالسًا في زاويته المعتادة في المقهى، يتأمل المشهد من خلف النافذة.

الشاي الذي أمامه برد منذ زمن، وأفكاره تبعثرت كما يتبخّر بخار الشاي ويختفي في الهواء.

 

كان يفكر في حياته...

كأن دائمًا يرفض كل ما هو جديد.

الأفكار الجديدة، الأماكن المتغيّرة، والناس الجدد...

في العمل، كان يتمسّك بالنظام الذي اعتاد عليه،

فهو يشعر بالأمان حين يعمل بما يعرفه.

لكن التكيّف مع التغيّرات كان صعبًا عليه،

لذلك إما يتأخر عن الركب أو يشعر بعدم راحة.

وربما لهذا السبب تألمه كثيرًا أن يبقى مكانه، بينما غيره يترقّى.

 

دخلت فتاة إلى المقهى في تلك اللحظة،

كان معطفها الخفيف مبتلًّا، وقطرات المطر تنزل من شعرها نحو عنقها.

جلست على الطاولة المجاورة لجم، وطلبت بابتسامة كوب شاي ساخن.

رغم البرد، كان على وجهها سكينة غريبة.

كانت تحدّق من النافذة، دون أن تنتبه لوجوده،

راقبت المطر وهي تجري بين حجارة الرصيف،

ثم التقت عيناها بعينيه وقالت:

 

"أليس المطر جميلًا؟"

 

تردّد جم قليلًا، ثم سألها:

"هل كنتِ تخاطبيني؟"

 

في تلك اللحظة، كان يرى المطر مزعجًا،

فهو بلا مظلة، والطريق موحل، وهذا وحده سبب كافٍ للتذمّر.

لكن على وجه الفتاة، كان هناك شيء مختلف،

كانت تحتضن المطر... لا تقاومه، بل تتناغم معه.

 

لم يجد جم ما يقول، فأكملت الفتاة:

 

"في البداية، يبدو مزعجًا... لكن بعد قليل، تكتشف أن الماء يسير، يجد طريقه.

وحين تتماشى معه، يصبح كل شيء أسهل."

 

في تلك اللحظة، أدرك جم شيئًا مهمًّا...

أن مشكلته كانت بالضبط في ذلك:

لا يسير مثل الماء... لا ينساب، بل يقاوم.

والناجحون في الحياة هم أولئك الذين يعرفون كيف يتأقلمون.

 

ابتسمت الفتاة وأخذت رشفة من الشاي،

ثم عادت تتأمل المطر بهدوء.

أما جم، فظلّ يفكّر بكلماتها:

"كن مثل الماء... تأقلم مع التيار..."

لم يسبق أن فكّر بهذا الشكل.

لطالما حاول السيطرة على كل شيء.

لكن ربما... الحياة لا تحتاج إلى تحكم، بل إلى فهم.


Deneyimsel Tasarım Öğretisi


في الخارج، خفّ المطر،

وأصبحت الشوارع تلمع من البلل،

أغلق الناس مظلاتهم، وتساقطت قطرات الماء من على المظلات وأسطح المحال.

فكّر جم لوهلة، ثم سأل الفتاة:

 

"هل كنتِ تفكرين دائمًا بهذا الشكل؟"

 

مالت برأسها قليلاً وابتسمت:

"كنتُ مثلك، أقاوم.

لكنني لاحظت أن الإنسان إن لم يتأقلم، فلن يستطيع الاستمرار.

يمكنه أن يمشي مسافة معيّنة، ثم يتوقف.

هذا الأمر لا يخصّ العمل فقط، بل حتى علاقاتنا...

من يتأقلم هو من يستطيع أن يكمل في الحياة.

تعلمت أن أتماشى بدلاً من أن أقاوم."

 

ويقول علم الخبرات التصميم :

"الإنسان هو بمقدار ما يستطيع أن يتأقلم."

 

كان جم يعلم أن هناك شيئًا لا يسير على ما يرام في حياته،

لكنه لم يعرف السبب بدقة حتى الآن.

ربما لهذا كان يشتكي دومًا،

ينتظر أن يأتيه التغيير من تلقاء نفسه، دون أن يخطو أي خطوة.

 

سادت لحظة من الصمت،

رسم بإصبعه خطًا صغيرًا على زجاج النافذة المبلل،

ثم تنهد وابتسم وقال:

 

"يبدو أنه أمر يستحق المحاولة."

 

جرسون الفتاة برأسها:

"كل شيء يبدأ بخطوة."

 

جاء النادل ليأخذ كوب الشاي الفارغ.

بدأت الفتاة بجمع أغراضها،

رفعت ياقة معطفها، ثم التفتت إلى جم قائلة:

 

"توقفت المطر، عليّ أن أتابع طريقي."

 

ابتسم جم وأومأ لها:

"أظنني أنا أيضًا."

 

قرر أن يكتشف الأماكن التي كان يقاوم فيها التغيير،

يريد أن يعرف إلى أين يمكن أن توصله القدرة على التأقلم.

ربما لم يحصل على الترقية في العمل،

لكن هذا الوعي الجديد...

قد يكون هو الترقية الحقيقية في حياته.



Yorumlar